خفايا التدخل الغربي الليبرالي في شؤون تشاد الداخلية وانعكاساته السلبية على الوحدة الوطنية والأمن القومي التشادي
بقلم السيد/ صالح برمة علي
( رئيس الحركة من أجل الوحدة والتجديدMUR )

تعد القوى الغربية العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا هي رائدة النظام الليبرالي العالمي، ذاك النظام الذي يسعى في الظاهر إلى نصح الأقوياء لتحقيق السلام العالمي، ولكن لو أتينا في الواقع لوجدنا أن هذه القوى لطالما انتصرت- وبشتى السبل- على مصالحها الاقتصادية الخاصة من الموارد الاقتصادية الطبيعية للدول النامية ، دون مراعاة لأدنى مستوى للسلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي هو من حق تلك الدول النامية وشعوبها ان تمتلكه وتوظفه حسب ظروفها الخاصة بها وتستمتع به شعوبها.
إن هذا التوجه السلبي للقوى الغربية العظمى تجاه دولنا النامية لهو في حقيقته اعتداء سافر ليس فقط على موارد تلك الدول النامية فحس، بل حتى على مبدأ الليبرالية الحقيقية التي تلوح هذه الدول العظمى بالإيمان بها؛ فمبدأ الليبرالية يستند في الحقيقة على الإيمان بحرية الفكر والتسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه في الحياة وحرية الاعتقاد والضمير وحرية التعبير والمساواة أمام القانون، فالليبرالية الحقيقية تدعو جميع الدول ان تقف بالحياد أمام جميع أطياف أي شعب فلا تتدخل في شؤون دولة أو في شؤون انشطتها سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية او عسكرية.
اما الواقع الذي تعيشه دولنا النامية وفي مقدمتها الدول الأفريقية فهو واقع يفسر أن الليبرالية ما هي إلا هيمنة الدول الغربية العظمى على الموارد الاقتصادية الطبيعية التي تزخر بها دولنا النامية .
ولقد بدأت تلك القوى العظمى هيمنتها على الموارد الاقتصادية الطبيعية لدولنا النامية أبان استعمارها لها وحتى بعد الاستقلال، وقد ركزت في البداية على الموارد الطبيعية الضخمة لدول الخليج العربي، وإن كانت الدول الأفريقية لم تنج في البداية من تلك السيطرة على مواردها من قبل تلك الدول العظمى إلا أن التركيز عليها لم يكن بالشكل الكامل، بل يقال إن القوى الليبرالية العظمى قد خصصت حسب خطتها موارد دولنا الأفريقية لأجيالها القادمة، فلم تكشف عن الكثير عنها في عهودها الأولى، بل نفت أحيانا من أن تكون لبعض الدول موارد طبيعية ضخمة كما هو حال نفي بعض الشركات الفرنسية المنقبة وجود البترول في حقول جنوب تشاد في فترة العقود القريبة من عهد الاستقلال.
ولكن منذ مستهل الألفية الثالثة رأت تلك القوى الغربية أن دول الخليج ليست آمنة لها؛ وذلك بسبب الوعي الفكري والسياسي الذي بدأ يتمتع به زعماء تلك الدول وقادتها وأيضا بسبب الوعي المجتمعي لشعوب تلك الدول.
فيبقى اتجاه تلك القوى الآن أن يزداد نحو الهيمنة وبشكل كامل على مواردنا الطبيعية في أفريقيا، تلك الموارد الاقتصادية الضخمة التي تتراوح ما بين الأراضي الصالحة للزراعة والمياه والنفط والغاز الطبيعي والمعادن والغابات والحياة البرية. كما تحتفظ القارة بنسبة كبيرة على مستوى العالم من مصادر الطاقة المتجددة و غير المتجددة.
وتتخذ القوى العظمى الغربية وسائل مختلفة في استمرارية هيمنتها على تلك الموارد الاقتصادية الصخمة للدول النامية الأفريقية، تتمثل هذه الوسائل في خمسة منافذ أساسية بارزة وهي:
المنفذ الأول: إثارة النعرات القبلية والجهوية بين شعب دولة واحدة.
المنفذ الثاني: إثارة الانقسامات الدينية بين شعب الوطن الواحد.
المنفذ الثالث : الوقوف بجانب النظام السياسي الهش ودعمه من أجل السيطرة عليه وتبعيته لها.
المنفذ الرابع: دعم التمرد العسكري ضد النظام السياسي المعترض لمصالحها الذاتية.
المنفذ الخامس: إثارة نعرة انفصال دولة إلى دولتين أو أكثر.
وتعد دولنتا تشاد في مقدمة الدول الأفريقية النامية التي عانت ولا تزال منذ عهود الاستعمار وحتى بعد الاستقلال تعاني من هيمنة الليبرالية الغربية على مواردها الاقصادية عبر تلك المنا فذ ولا سيما الأربعة الأولى التي نسميها نحن في هذا العرض ب《 خفايا التدخل الغربي الليبرالي في شؤون تشاد الداخلية》.
إن الحروب و الانقلابات العسكرية والانقسامات السياسية النافرة بين أبناء بلدنا تشاد منذ عهد الاستقلال وحتى الحروب التي خاضها المرشال إدريس ديبي إتنو- رحمه الله – في عهدحكمه ما هي إلا انعكاسات لتلك المنافذ المذكورة التي تحركها القوى الليبرالية الغربية العظمى بخفاء من أجل الهيمنة على مواردنا الاقتصادية الضخمة وذلك على حساب أمننا واستقرارنا ووحدتنا.
وبناء على ذلك، فإن استمرارية الاستقرار والأمن المبني على وحدة أبناء وطننا وعلى قوة نظامنا الحاكم في بلورة سبل الحوار والتفاهم بين جميع قادته السياسيين ونشطائه الاجتماعيين لهو امر يهدد مصالح تلك القوى الغربية العظمى؛ ومن ثم نراها في كل مرة تقوم بإثارة منافذها نلك بغية تحقيق مآربها الأساسية الاقتصادية المذكورة.
ومن هنا نرى أنه منذ بداية الحوار الوطني الشامل والسيادي الذي يعد خطوة إبجابية قوية في تاريخ تشادنا السياسي المعاصر ،التي خطاها الجنزال محمد إدريس ديبي إتنو في هذه المرحلة الانتقالية العصيبة التي دخلتها دولتنا بعد الموت المفاجئ للرئيس المرشال إدريس ديبي إتنو، نرى أن القوى العظمى المذكورة بدأت تنشب اظفارها لتحريك منافذها بغية عدم تحقيق الحوار الوطني الشامل والسيادي أهدافه الأساسية المتمثلة وحدة أبناء الوطن من أجل استقراره
سيادته ونهضته.
فعن منفذ القبلية والجهوية تابعنا زعيم حزب المحولون الدكتور سيكيي مسرا يمتنع من المشاركة في هذا الحوارويصفه بأنه ليس حوارا إنما هو مناجاة فردية بين طائفة معينة ، وعن منفذ الانفصال نراه يصرح قائلا: إن لم يتم تلبية رغباته سنرى عدة تشاد
ونراه كذلك يستمر في مثل هذه التصريحات التي تعقبها احداث العشرين من اكتوبر2022م فيهرب بعدها إلى الولاية المتحدة الأمريكية رائدة الليبرالية العالمية لتحميه ثم بعود إلى البلد بعد مد يد المصالحة له من قبل رئيس الفترة الانتقالية.
ولما علمت تلك القوى العظمى تسليم رئيس حزب المحولون عنانه السياسي لها واتجاه رئيس الفترة الانتقالية نحو توسعة علاقات تشاد بالدول العظمى الأخرى من منطلق سيادتها ، وفي مقدمة تلك الدول ” روسيا “التي ترى القوى الغربية أن في علاقتنا معها تقوية اقتصادية وعسكرية في سيادة نظامنا الحاكم، وحدا لمصالحها ؛بدأت تظهر دعمها السياسي والدبلوماسي لمن قدم لها عنانه السياسي( رئيس حزب المحولون) عن طريق إثارة منفذ الانقسام القبلي والديني ، وإثارة الرعب في نفوس الشعب من توقع حرب أهلية أثناء أيام التصويت للانتخابات الرئاسية التي تم إجراؤها في السادس من مايو الجاري 2024م، حيث نلحظ ذلك من خلال البيان الرسمي الذي أصدرته سفارة فرنسا بتشاد لرعاياها تحذرهم فيه من الابتعاد عن مكاتب التصويت أثناء الانتخاب.
إن مثل هذه التصريحات وغيرها ليست بالجديدة في ظل السبل التي تتخذها القوى الليبرالية الغربية من اجل الهيمنة على مواردنا الاقتصادية الطبيعية الضخمة وعلى حريتنا وسيادتنا عبر العملاء من ابناء جلدتنا.
ولكن سيبقى استعمالها لمنافذها تلك فاشلا في ظل الفهم العميق للقادة السياسببن والنشطاء الاجتماعيين التشاديين !، وتقديمهم لوحدة الوطن وسلامته وامنه واستقراره على اي مصلحة شخصية اخرى، وقطع الطريق امام اي عميل لا يرى سوى مصالحه الخاصة الذاتية الضيقة.
ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر الالتفاف حول ظام حاكم قوي في قيادته العسكرية والأمنية وفي حنكته السياسية الوطنية الشمولية وهو ما يمثله نظام رئيس الفترة الانتقالية الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو.
عاش الوطن وعاشت سيادته.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *